Kamis, 25 Februari 2016

بحث علمي نظام الأسرة في الإسلام (Sistem Rumah Tangga dalam Islam (Makalah



بحث علمي
نظام الأسرة في الإسلام
إعداد
يوسف عارفين
المشرف
الأستاذ حمزة أسراري


معهد عبد الرحمن بن عوف العالي
لتعليم اللغة العربية والدراسات الإسلامية
بالجامعة المحمدية مالانج
ربيع الثاني ١٤٣٦ه
فبراير ۲۰۱٥ م






نظام الأسرة في الإسلام
مقدمة :
   إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. أما بعد :
فأحمد الله سبحانه وتعالى وأشكره الذي وفقني إلى إنجاز هذا البحث الإعدادي لنيل الشهادة بعد سنتين ونصف من الدراسة في المعهد عبد الرحمان ابن عوف،هذا البحث الذي بين يديكم    هو البحث الأخير الذي يجب على كل الطلاب من المستوى الرابع أن يؤديه، وهذا البحث تحت العنوان نظام الأسرة في الإسلام، وهو يحتوي على أبواب عن الأسرة من تعريفها, التي تدل على أهميتها، رغم بعض الصعوبات التي وجدتها أثناء الكتابة.  وأتقدمبالشكرأولا إلى أسرة المعهد  من أساتذة وطلبة مسؤولون في الإدارة، وأخص بالذكر الأستاذ الجليل حمزة أسراري المشرف على هذا البحث، وكل من ساعدني ولو بالنصيحة والتوجيه أو إعارة كتاب. وفى الأخير أسأل الله تبارك وتعالى لي ولكم الهداية والتوفيق إلى ما فيه  خير الدنيا والآخرة والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
*- أهمية الموضوع:
  قال اللّه تعالى :)(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكمْ أزْواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة...)([1].
الأسرة من قديم الزمن نظام اجتماعي أو هي وحدة في النظام الاجتماعي الذي ظهر مع خلق الله للإنسان على الأرض وقد مرت الأسرة من بداية نشأتها وحتى وقتنا المعاصر بعدد من التطورات الكبيرة سواء على مستوى حجمها وهيكلها أو على مستوى العلاقات بين أفرادها أو بين الأسرة بعضها ببعض أو من حيث أهدافها ووظائفها وأدوارها.
وقد كانت الأسرة في كل مراحلها مرآة تعكس المجتمع الذي تنشأ فيه من حيث عقيدته وحضارته ومستوى تقدمه ، وكان للإسلام أثر بارز في بناء الأسرة التي تنظم قيامها باعتبار الأسرة أحد أهم لبنات المجتمع الإسلامي بل هي أهم هذه اللبنات حتى قرأنا قرآنا يتلى إلى يوم القيامة في أمر زوجة كانت تناقش زوجها في أمر يرى البعض أنه أمر بسيط أو أمر شخصي بين زوج وزوجته في سورة كاملة وهي سورة المجادلة ()قَد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إنّ الله سميع بصير()[2].
وليس من شك أن الأسرة لها الأثر الذاتي والتكوين النفسي في تقويم السلوك الفردي، وبعث الحياة، والطمأنينة في نفس الطفل، فمنها يتعلم اللغة ويكتسب بعض القيم، والاتجاهات، وقد ساهمت الأسرة بطريق مباشر في بناء الحضارة الإنسانية، وإقامة العلاقات التعاونية بين الناس، ولها يرجع الفضل في تعلّم الإنسان لأصول الاجتماع، وقواعد الآداب والأخلاق.
 ومنذ أن نشأت الأسرة في بداياتها الأولى مع خلق آدم عليه السلام وحتى يومنا هذا وهي تقوم بمهمة لا ينكرها أحد سواء في مجال التربية أو مجال التنمية الاقتصادية أو الاجتماعية أو مجال الحد من الانحراف والجريمة وخصوصاً انحراف الأحداث وجرائمهم وقامت بأثر كبير في مجال رعاية الناشئة وحمايتهم من التطرف والانحراف.
 وقد تعرضت الأسرة وخصوصاً في النصف الثاني من القرن الماضي إلى موجة من الهجمات الشرسة التي تريد القضاء عليها غير أن الثابت أن الأسرة ستظل قائمة حتى وإن كانت في شكلها الصغير جداً والمسمى بالأسرة النووية أو الزوجية وفي البحث هذا سوف نتناول بإذن الله تعالى أثر الأسرة في التربية وفي الاقتصاد وفي التنمية وفي الحد من الانحراف والجريمة ثم أثرها في ترشيد الأبناء ورعايتهم والحفاظ عليهم من عوامل الانحراف بالنظام الأسرة في الإسلام.
*- سبب إختيار الموضوع:
إخترت هذا الموضوع لأنّ الإسلام قد حث على إنشاء مؤسسة الأسرة بتشريعه الزواج وحثه عليه مبيناً أن الزواج سكونٌ للنفس للطرفين وهدوء لهما وراحة للجسد، وطمأنينة للروح وامتداد للحياة إلى آخر مطافها و أيضا هذا بحث للثقافة الإسلامية التي تحدف الي من الذي قد تزوج ومن الذي سيتزوج.
فلنقرأ الآن إلى بعض الآيات القرآنية في هذه المعاني: إذ يقول الله تعالى وهو يحث عباده على الزواج: )(...فانكحُوا ما طاب لَكم من النساء مثنى وثلاث ورباع...)([3]. ويقول: )(ومن آيَاتهأن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة...)([4] وحيث يقول: )(...هن لباس لكم وأنتم لباس لهن...)[5]، ويقول: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا اللهَ...)([6].
هكذا يتحدث القرآن عن مؤسسة الأسرة في عديد من الآيات، وبأساليب مختلفة كما رأينا مرة أخرى آية في سورة النساء التي تبين أن طرفي هذه المؤسسة خلقا من نفس واحدة وكأنهما شطران لنفس واحدة فلا فضل لأحد الشطرين على الآخر في أصل الخلقة ومن حيث العنصر وإنما يحصل التفاضل بينهما بأمور خارجية ومقومات أخرى غير ذاتية وصفات مكتسبة إذ يقول الله تعالى في هذا المعنى:)(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكممن نفْسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونِساءً...)([7]. هكذا يحث الإسلام على إنشاء الأسرة لتكون امتدادا للحياة وراحة للطرفين.
*- خطة البحث:
1-       - الفصل الأول : تعريف الأسرة
- المبحث الأول: تعريف الأسرة
- المبحث الثاني: معني نظام الأسرة
2-  - الفصل الثاني:المراد بنظام الأسرة
3-  - الفصل الثالث:ما هي وسائل إصلاح البيوت ؟
- المبحث الأول:البيت نعمة
- المبحث الثاني : تكوين البيت
4-  - الفصل الرابع:علاج المشكلات الزوجية
- المبحث الأول : علاج المشكلات الزوجية
- المبحث الثاني: لماذا جعل الإسلام الطلاق في يد الرجل فقط؟
- المبحث الثالث: بعض الحقوق الزوجية
5- - الفصل الخامس: مكانة الأسرة في المجتمع المسلم
- المبحث الأول:أهميتها في المجتمع المسلم
- المبحث الثاني:مسؤلية المرأة
-  المبحث الثالث:الإسلام لم يظلم المرأة
 - المبحث الرابع:تتمتع المرأة في الإسلام بالحقوق المدنية مثل الرجل
-  المبحث الخامس:الحقوق الدينية للمرأة المسلمة
- المبحث السادس:سفر المرأة في الإسلام
- المبحث السابع: تربية الأطفال

- المبحث الثامن: مسؤولية الوالدين في تربية الأطفال
- المبحث التاسع: أمانة الأهل والأولاد

*- منهج البحث:
1)- جمع المعلومات المتعلقةبالزواج وتوثيقه ثم التعليق عليها إذا اقتضى الأمر، ضع ملخص لأقوال العلماء، والتركيز على كل ما يخص توثيق زواج المسلمين، مع اختيار ما يصلح لواقع المسلمين ويتماشى مع متطلبات العصر، ولا يتنافى مع الأحكام الشرعية.
2)- الرجوع إلى المصادر الأصلية، والكتب الحديثة التي تناولت بعض جزئيات البحث، لأنها أقرب إلى الفهم وأحوال الناس في هذا العصر، ولسهولة عباراتها لأنها جمعت ما قاله الأولون من العلماء.
3)- شرح بعض المصطلحات التي أرى أنها تحتاج إلى شرح.



*- غرض البحث:
التشريع الإسلامي تشريع حكيم، وله هدف ومغزى ..
فالله تعالى من أسمائه: (الحكيم) لذا يجب أن نعتقد جازمين أنه تعالى حكيم في تشريعه كما هو حكيم في خلقه وصنعه.
فسنحصل من الفوائد التي ترشدنابتشريع الزواج تكمن في الأمور التالية:
أ غض البصر من الطرفين، وقد اهتم الإسلام في قرآنه وسنة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - بهذا الأمر، يقول الله تعالى: وهو يأمر الرجال والنساء معاً بغض البصر: )(قل للمؤْمِنِين يغضّوا من أبصارِهم وَيَحْفظوا فُرُوجهم ذلك أزكى لَهُمْ إِنَّ الله خبير بما يصنعون، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن...)([8].
والتساهل في مسألة غض البصر يؤدي إلى الانزلاق الخلقي كما هو مشاهد في أكثر مدننا وعواصمنا الإسلامية ـ وللأسف الشديد.
ب حفظ الفرج، وقد تناولت الآيات التي تقدم ذكرها قريباً الأمر بحفظ الفرج مع الأمر بغض البصر، ولعل الأول ينتج الثاني بمعنى أن غض البصر ينتج حفظ الفرج في الغالب الكثير، لأن من تمكنت منه مراقبة الله تعالى فلازم غض بصره خوفاً من الله وحياء منه سوف يحفظ فرجه عما حرمه الله عليه ولا يقع في الفاحشة.
ج الحصول على النسل الذي هو لبنة في بناء المجتمع وسبب إكثار أتباع خاتم الأنبياء والمرسلين.
ويزيد الأمر وضوحاً الحديث الذي رواه المسلم في صحيحه والذي يخاطب فيه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام شباب المسلمين بذلك الأسلوب الرقيق ليرشدهم إلى ما فيه صلاحهم ونجاتهم إذ يقول عليه الصلاة والسلام:((يا معشر الشباب من استطاع الباءة منكم فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم. فإنه له وجاء))[9]. و قال رسول اللّة - صلى الله عليه وسلم - ((تزوجوا فإني مكاثرٌ بكم الأمم))[10].
وقد تقدمت بعض المعاني التي يمكن أن تعد من أهداف الزواج كالهدوء وراحة النفس مثلاً.
وقد يخطئ الذين يظنون أن الغرض من الزواج هو الحصول على اللذة والمتعة كيفما تيسرت، وليس وراء ذلك غرض آخر، وهذا التصور الخاطئ قد أوقع كثيراً من الشباب في مهالك خطيرة وسقوط في الخلق والانحطاط، مما جعل حياة عديد منهم في كثير من البلدان شبيهة بحياة الحيوانات التي ليس عليها قلم التكليف بل هم أضل سبيلاً وأسوأ حالا.

1 - الفصل الأول : تعريف الأسرة
-    المبحث الأول: تعريف الأسرة
لغة: الأسرة في اللُّغة: الدرع الحصين، وأهل الرجل وعشيرته، ويطلق على الجماعة يربطها أمر مشترك وجمعها أسر.
اصطلاحاً: الأسرة هي استمتاع كل من الزوجين بالآخر على الوجه المشروع، ويجعل لكل منهما حقوقاً وواجبات على الآخر.
وهي: الوحدة الأولى للمجتمع وأولى مؤسساته التي تكون العلاقات فيها في الغالب مباشرة ويتم داخلها تنشئة الفرد اجتماعياً ويكتسب فيها الكثير من معارفه ومهاراته وميوله وعواطفه واتجاهاته في الحياة ويجد فيها أمنه وسكنه.كما يمكن تعريف الأسرة بأنَّها: الوعاء الحافظ للنسب والقربى والرحم وعبره يتم انتقال الثروة من جيل إلى جيل.
وهي: رابطة اجتماعية تتكون من زوج وزوجة وأطفالهما وتشمل الجدود والحفدة وبعض الأقارب على أنْ يكونوا مشتركين في معيشة واحدة.
كما تُعرَّف بأنَّها: "النظام الاجتماعي الذي ينشأ عنه أول خلية اجتماعية تبدأ بالزوجين، وتمتد حتى تشمل الأبناء والآباء والأمهات والإخوة والأخوات والأقارب جميعاً.
.
والأسرة هي:الوحدة الاجتماعية الأولى والبنية الأساسية التي ترعى نمو الطفل، وهي لهذا اشتملت على أقوى المؤثرات التي توجه نحو السلم.
كما تعرّف الأسرة في العرف الاجتماعي السائد بأنَّها: المجموعة الصغيرة والمكوّنة من الزوجين والأبناء، أساس هذه الأسرة الزوجان المكونان من رجل وامرأة، وهما اللذان يقومان بالدور الأساس والفعّال في التكوين والتنظيم والرقابة من البداية إلى النهاية.
-       المبحث الثاني: معني نظام الأسرة
 نظام الأسرة بمعنى : تلك الأحكام والمبادئ التي تتناول الأسرة بالتنظيم بَدْءً من تكوينها مروراً بقيامها واستقرارها وانتهاءً بتفرقها، وما يترتب على ذلك من آثار تؤدِّي إلى إرسائها على أسس متينة تكفل ديمومتها وإعطاءَها الثمرات الخيّرة المرجوّة منها.
عليه؛ يمكن القول بأنَّ مفهوم الأسرة يشمل: الزواج، والتناسل، وتربية الأولاد. وأنْ يكون الزواج بين رجل وامرأة برباط شرعي لا أنْ يتم بين أيّ شخصين ـ كما سيرد في مضامين الوثائق الدولية ـ وينظر الإسلام للأسرة على أنها نواة المجتمع والمكوّن الأساسي له، والبيئة الاجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الإنسان فتؤثر عليه سلباً أو إيجاباً، يقول الرسول- صلى الله عليه وسلم -  عن أبي هريرة - رحمه الله - : )(كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه()[11].

2 - الفصل الثاني: المراد بنظام الأسرة
 المراد هنا بناء على ما ورد في الكتاب العزيز والسنة المطهرة من الحث على الزواج المبكر والترغيب فيه وتيسير أسبابه طاعة لله ورسوله ومحافظة على غض الأبصار وحفظ الفروج وصيانة الأعراض والأنساب وحصول الراحة النفسية والطمأنينة القلبية إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى.
 والحمد لله القائل في كتابه المبين: ))ومنْ آياته أَن خَلَق لَكُم منْ أَنْفسكُمْ أَزْوَاجا لِتَسْكُنوا إِلَيْها وجعل بَيْنَكُم مَوَدّة ورحْمَةً إِنّ في ذلِك لآياتٍ لقَوْم يَتَفَكّرون(([12].  هذه الأية حثت على الزواج ورغب في تيسيره وتسهيله لما فيه من المصالح الدينية والدنيوية والعواقب الحميدة.  ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ))خير النكاح أيسره))[13].
فيسرني أن أتحف الأخوة الكرام من المزوجين والمتزوجين ببعض المراد بنظام الأسرة والشروط والمواصفات التي تنبغي مراعاتها لمن أراد أن يتزوج أو يزوج موليته وهي:
(1)                أن يكون المتقدم للخطبة ملتزماً بتعاليم الإسلام الحنيف قولاً واعتقاداً وعملاً ومن ذلك.
(2)                أن يكون محافظاً على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة التي هي عماد الدين والصلة برب العالمين، فإن الزوج المتمسك بالدين الإسلامي الملتزم بتعاليمه إن أحب زوجته أكرمها وإن كرهها لم يظلمها، والتارك للصلاة لا يحل تزويجه لأن تركها كفر.
(3)                أن يكون متمسكاً بالسنة النبوية عموماً معفياً للحيته قاصاً لشاربه طاعة لله ورسوله.
(4)                أن لا يكون مسبلاً لثيابه إلى ما تحت الكعبين لأن ذلك من مظاهر الكبر وكبائر الذنوب.
(5)                أن يكون بعيداً عن تناول المسكرات والمخدرات المسببة للعداوة والبغضاء والصادة عن ذكر الله وعن الصلاة.
(6)                أن يلتزم بصحبة الأخيار (المطيعين لله) والبعد عن الأشرار (العصاة لله) فالمرء معتبر بقرينه وسوف يكون على دين خليله فلينظر من يخالل.
(7)                أن يحسن إلى زوجته وأن يعاشرها بالمعروف قولاً وعملاً ومن ذلك.
(8)                عدم السهر في الليل خارج المنزل وعدم استعمال السب والشتم واللعن فليست هذه الأشياء من صفات المؤمن.
(9)                أن يراعي تعاليم الإسلام الحنيف في أكله وشربه ولباسه ومعاملته لزوجته ونفقاته وجميع مجالات حياته ليكون نموذجاً طيباً وقدوة حسنة لغيره.
(10)          أن لا يسافر بزوجته إلى البلاد الخارجية إلا برضاها عند الضرورة بعد معرفة حكم هذا السفر من الناحية الشرعية.
(11)          أن لا يكون مضيعاً لأوقاته الثمينة فيما لا تحمد عقباه من الملاعب والملاهي بل ينبغي حفظها فيما ينفع في الدين والدنيا والآخرة فإنه سوف يسأل عن أوقاته ويحاسب عليه ويجزي على ما عمل فيها من خير أو شر والأوقات محدودة والأنفاس معدودة.

.(12)  أن تكون الزوجة صالحة ملتزمة بتعاليم الإسلام في عباداتها ومعاملاتها وأخلاقها
4-            الفصل الثالث: ما هي وسائل إصلاح البيوت ؟
المبحث الأول: البيت نعمة
قال الله تعالى : ()والله جعل لكم من بيوتكم سكناً...)([14].
قال ابن كثير – رحمه الله - : )) يذكر تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده ، بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم يأوون إليها ويستترون وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع(([15].
ماذا يمثل البيت لأحدنا ؟ أليس هو مكان أكله ونكاحه ونومه وراحته ؟ أليس هو مكان خلوته واجتماعه بأهله وأولاده ؟
أليس هو مكان ستر المرأة وصيانتها ؟! قال تعالى : ))وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى... .[16]((
وإذا تأملت أحوال الناس ممن لا بيوت لهم ممن يعيشون في الملاجئ ، أو على أرصفة الشوارع ، واللاجئين المشردين في المخيمات المؤقتة ، عرفت نعمة البيت ، وإذا سمعت مضطربا يقول ليس لي مستقر ، ولا مكان ثابت ، أنام أحيانا في بيت فلان ، وأحيانا في المقهى ، أو الحديقة أو على شاطئ البحر ، ومستودع ثيابي في سيارتي ؛ إذن لعرفت معنى التشتت الناجم عن حرمان نعمة البيت .
ولما انتقم الله من يهود بني النضير سلبهم هذه النعمة وشردهم من ديارهم فقال تعالى :
" هو الذي أخرج الذين كفروا من ديارهم لأول الحشر " . ثم قال تعالى:
)(... يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار)([17].

والدافع عند المؤمن للاهتمام بإصلاح بيته عدة أمور :
أولا : وقاية النفس والأهل نار جهنم ، والسلامة من عذاب الحريق :
()يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ()[18].
ثانيا : الرجل راعي البيت لأجل الله :
 قال اللّه تعالي : ()الرجال قوامون على النسـاء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم...)([19].
فقال ابن كثير -رحمه اللّه- :))الرجل قيم على المرأة، وهو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت (بما فضل الله بعضهم على بعض) أي: لأن الرجال أفضل من النسـاء، والرجل خير من المرأة ، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال، وكذلك الملك الأعظام، لقوله - صلى الله عليه وسلم - :(لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة) رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه. وكذا منصب القضاء وغير ذلك. (وبما انفقوا من اموالهم) أي: من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها اللّه عليهم لهنّ في كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -،فالرجل أضل من المرأة في نفسه، وله الفضل عليها ولإفضال فناسب أن يكون قيما عليها، كما قال اللّه تعالى : ((وللرجال عليهنّ درجة)) الأية (البقرة:228 )([20].
ثالثا : أنه المكان لحفظ النفس ، والسلامة من الشرور وكفها عن الناس ، وهو الملجأ الشرعي عند الفتنة.
  ويستطيع المسلم أن يلمس فائدة هذا الأمر في حال الغربة عندما لا يستطيع لكثير من المنكرات تغييرا ، فيكون لديه ملجأ إذا دخل فيه يحمي نفسه من العمل المحرم والنظر المحرم ، ويحمي أهله من التبرج والسفور ، ويحمي أولاده من قرناء السوء .
رابعا : أن الناس يقضون أكثر أوقاتهم في الغالب داخل بيوتهم ، وخصوصا في الحر الشديد والبرد الشديد والأمطار وأول النهار وآخره ، وعند الفراغ من العمل والدراسة ، ولا بد من صرف الأوقات في الطاعات ، وإلا ستضيع في المحرمات .
خامسا : وهو أهمها ، أن الاهتمام بالبيت هو الوسيلة الكبيرة لبناء المجتمع المسلم ، فإن المجتمع يتكون من بيوت هي لبناته ، والبيوت أحياء ، والأحياء مجتمع ، فلو صلحت اللبنة لكان مجتمعا قويا بأحكام الله ، صامدا في وجه أعداء الله ، يشع الخير ولا ينفذ إليه شر .
فيخرج من البيت المسلم إلى المجتمع أركان الإصلاح فيه ؛ من الداعية القدوة ، وطالب العلم، والمجاهد الصادق ، والزوجة الصالحة ، والأم المربية ، وبقية المصلحين .
فإذا كان الموضوع بهذه الأهمية ، وبيوتنا فيها منكرات كثيرة ، وتقصير كبير ، وإهمال وتفريط ؛ فهنا يأتي السؤال الكبير :
ما هي وسائل إصلاح البيوت ؟.
وإليك أيها القارئ الكريم الجواب ، نصائح في هذا المجال عسى الله أن ينفع بها ، وأن يوجه جهود أبناء الإسلام لبعث رسالة البيت المسلم من جديد .
وهذه النصائح تدور على أمرين : إما تحصيل مصالح ، وهو قيام بالمعروف ، أو درء مفاسد وهو إزالة للمنكر،وهذا أوان الشروع في المقصود .
المبحث الثاني:تكوين البيت
النصيحة "1" : حسن اختيار الزوجة
((وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم))[21].
ينبغي على صاحب البيت انتقاء الزوجة الصالحة بالشروط التالية :
" تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجملها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك "[22]-1
ومعناه أن عادة الناس أن يرغبوا في المرأة ويختاروها لإحدى خصال وهي: الجمال والمال والحسب والدين، وإن اللائق بذوي المروءات وأرباب الديانات أن يكون الدين مطمح نظرهم فيما يأتون ويذرون، سيما فيما يدوم أمره ويعظم خطره. فلذلك حث المصطفى صلى الله عليه وسلم بآكد وجه وأبلغه، فأمر بالظفر بذات الدين الذي هو غاية البغية، ومنتهى الاختيار والطلب. وإذا انضاف إلى الدين الجمال وغيره من الصفات المذكورة فحسن، وأما معنى (تربت يداك) فهو في الأصل دعاء معناه: لصقت يداك بالتراب من شدة الفقر إن لم تفعل، ولكن العرب أصبحت تستعمله لمعان أخر كالمعاتبة والإنكار وتعظيم الأمر والحث على الشيء وهذا هو المراد منها في هذا الحديث.
       فصاحبة الدين تعينه على دينه إن نظر إليها سرته وإن أمرها أطاعته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله فإذا كانت الزوجة كذلك فهي الضالة المنشودة فليستمسك بها وهنيئاً لمن ظفر بها بالسعادة الزوجية فهي شريكة الحياة ومربية الأولاد وراحة النفس وقرة العين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
2.    ))الدنيا كلها متاع ، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة(([23].
3.    أن  تكون  ولودا كما قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -))تزوجوا  الودود  الولود، إني  مكاثر  بكم  الأنبياء يوم القيامة(([24] ، ولأن  وجود  الأولاد  يوثق  العلاقة  الزوجية ويقويها  ويعرف  كون  المرأة  ولودا بان  تكون  من  نساء  يعرفن  بكثرة  الأولاد.
                4. تزوّج مع بكر, كما في الحديث )) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول اللّه أرأيت لو نزلت واديافيه شجرة قد أكل منها، ووجدت شجرا لم يُؤكل منها، في أيها كنت ترتع بعيرك؟ قال: في التي لم يرتع منها. يعني أن رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم -لم يتزوج بكرا غيرها(([25]. اختيار البكر ليست واجبة لكنه أحسن بل أفضل لبناء الأسرة في الإسلام، كما قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - :((تزوجوا الأبكار، فإنّهنّ أعذب أفواها، وأنتق أرحما، وأرضى باليسير))[26].

4-الفصل الرابع: علاج المشكلات الزوجية
   - المبحث الأول: حيث يبدأ علاج المشكلات الزوجية على النحو التالي:
أ الوعظ .. الوعظ الذي يتضمن النصح والتوجيه وبيان ما على الزوجة من حقوق الزوج كما يتعرض لبيان حقوق الزوجة على الزوج، ويركز علي بيان ما يترتب على تضييع حقوق الزوج وعصيانه.
ب الهجران في الفراش .. الهجران الذي يجلب لها نوع من الوحشة وعدم الأنس ويدعو إلى التوبة والرجوع إلى الطاعة.
ج الضرب شريطة أن يكون ضرب تأديب وتخويف فقط لا ضرب انتقام يجرح الجلد أو يكسر العظم.
د جلسة مفاوضة ومناقشة يشترك فيها حكَمٌ من أهله وحكَمٌ من أهلها وإذا لم يُجْدِ شيء مما ذكر وضاق كل واحد منهما نفساً بالحياة الزوجية، هنا يأتي الطلاق لإنقاذ الموقف بإنها تلك الحياة التي تحولت جحيماً لا تطاق بعد أن كانت مودة ورحمة وطمأنينة وراحة.
وهذه المراحل التي تسبق الطلاق - وربما تمنع الطلاق - بيّنتها سورة النساء في الآيتين التاليتين: إذ يقول الرب عزّ وجلّ من قائل:((الرجَالُ قوامُونعلى النساءِ بِما فَضَّل اللهُ بعضهم علَى بعْضٍ وبما أَنْفَقُوا مِنْ أمْوالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حافظاتٌ لِلْغيْبِ بما حَفِظَ اللهُ وَاللاّتِي تَخَافُون نُشُوزَهنّ فَعِظُوهن واهْجروهُنّ فِي الْمضَاجعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإن أطعنكم فلا تبغوا عليْهنّ سبيلا إِنَّ اللهَ كان عَلِيّاً كبيرا﴾.﴿وإن خفْتم شِقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما منْ أهلِها إِن يُرِيدا إِصْلاحا يُوفّق اللَّهُ بينهما إِنَّ اللَّهَ كان عَلِيماً خبيرا))[27].
   -المبحث الثاني: لماذا جعل الإسلام الطلاق في يد الرجل فقط؟
وقد تبين مما تقدم أنّ مشروعية الطلاق أمر له أهميته في الموضوع إذا ثبت أنه العلاج الأخير في المشكلات الزوجية.وبقي في المقام سؤال له وزنه إذا فهم جوابه حق الفهم وهو لماذا جعل الطلاق في يد الرجل فقط ؟؟!! قبل أن يكون للمرأة فيه دور يذكر، اللهم إلا ما كان من قبل الخلع وهو فراق تشترك فيه المحكمة الشرعية ولا تستقل به المرأة كما هو معروف.الجواب عن هذا السؤال أن يقال:
لما كان الرجل هو الغارم الذي عليه المهر وسائر النفقات جعل الطلاق في يده لأنه سوف لا يفرط في الحياة الزوجية التي غرم في تأسيسها بل سوف يكون أحرص ما يكون على بقاء مؤسسة الأسرة متمتعة بالهدوء والراحة كلّما وجد إلى ذلك سبيلا ولو جعل الطلاق في المرأة لرأينا الآتي:رأينا رجلاً يؤسس ثم يؤثث فيحرص على النتائج المنتظرة من المؤسسة ثم رأينا امرأة ناقصة العقل والتفكير تهدم المؤسسة وتبعثر الأثاث لأتفه الأسباب لأنها لم تغرم شيئاً عند تأسيس المؤسسة بل ربما رغبت عن هذه المؤسسة لتجرب غيرها.وفي اعتقادي أن المرأة المسلمة المنصفة تصدقني فيما ذكرت قبل الرجل نفسه لأن بعض الوقائع من تصرفات بعض النساء تشهد لما قلنا في الوقت الذي ليس في يدها الطلاق. والله أعلم.
   -المبحث الثالث: بعض الحقوق الزوجية
حقوق الزوج منها:
1- يلزمها طاعته بالمعروف وهي طاعة يحتمها كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لما في ذلك من المصلحة المشتركة بينهما، ولا يجوز طاعته إذا أمرها بمعصية لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
2-   يلزمها الاعتناء ببيتها وأن تحفظ له ماله وتوفر له راحته وهدوءه.
3-   ينبغي لها أن تراعي شعوره فتبتعد عما يؤذيه من قول أو فعل أو خلق سيء.
4-   لا يجوز لها الخروج من المنزل إلا بإذنه ولا يحق لها أن تأذن لأحد في دخول منزله من غير إذنه ورضاه.
وحقوق الزوجة منها:
1- أن ينفق عليها بالمعروف وأن لا يقصر عليها في مأكل أو مشرب أو كساء. وأن يرشدها إلى ما تحتاج إليه من معرفة دينية.
2-   أن يغار عليها فلا يعرضها للشبهة ولا يسمح لها بالتبرج والاختلاط.
3-   أن يحسن خلقه معها فيكلمها برفق ويتجاوز عن توافه الأمور ويقدم لها النصح بلين تبدو فيه المودة والرحمة.
4- أن يصبر على ما يكره منها من معاملة أو سوء خلق ويحاول إصلاحه وأن لا يلجأ إلى طلاقها إلا عند الضرورة القصوى.
5- أختي العاقلة: اعلمي وفقنا الله وإياك للخير أن العناد والإضرار على مخالفة الزوج لهو من أكبر أسباب نكد العيش والفراق. وأن طاعته وترك مخالفته ولين الجانب لهو من أكبر أسباب السعادة والوئام.

 أيها الأخوة المسلمون فلنمثّل إسلامنا بالعمل ما استطعنا إلى ذلك سبيلا لا بالقول فقط لأن الإسلام دين عمل وتطبيق فالمسلم معناه هو الإنسان المستسلم المنقاد لأوامر ربه وخالقه المنفذ لأحكامه.والقصد الحسن والنية الصادقة والعمل الصالح محاولة تطبيق الشريعة هذه المعاني هي محل نظر الرب من عبده.
أيها الإخوة إن لديكم الفرصة لتعملوا لدينكم وإسلامكم لأن قانون بلدنا يسمح لكم أن تخدموا دينكم بكل حرية فعليكم أن تدركوا أن هذه الحرية نعمة من نعم الله عليكم، فعليكم أن تستغلوها بالعمل الجاد لنشر تعاليم إسلامكم.

5-            الفصل الخامس: مكانة الأسرة في المجتمع المسلم
المبحث الأول: أهميتها في المجتمع المسلم
  إن الأسرة هي النواة الأولى واللبنة الأولى في بناء المجتمع الإسلامي وبناء الحياة الإسلامية، الأسرة هي أساس المجتمع، وفي ظلال الأسرة يتربى الفرد الصالح وتنمو المشاعر الصالحة، مشاعر الأبوة والأمومة والبنوة والأخوة. ويتعلم الناس التعاون على الخير وعلى الرغم من أن الأسرة وحدة اجتماعية صغيرة إلا أنها أساس وجود المجتمع وأقوى نظمه، فهي المهد الحقيقي للطبيعة الإنسانية، فالأسرة تقوم بوظائف عديدة تتصف بالتكامل والتداخل، وقد كانت الأسرة في الماضي تقوم بكثير من الوظائف التي تقوم بها في المجتمع السلم.
واللّه عز وجلّ جعل ميل الرجل إلى الأنثى، والأنثى إلى الرجل مختلفاً عن باقي الكائنات الحية، فالميل عند الإنسان غير مقيد بوقت ولا ينتهي عند حدّ الوظيفة الجنسية، ولذلك لاختلاف طبيعة الإنسان عن طبيعة الحيوان، فالصلة القلبية والتعلق الروحي عند الإنسان مستمر مدى الحياة.
ولما كان الإنسان مكرماً مفضلاً عند الخالق عز وجل على كثير ممن خلق، فقد جعل تحقيق هذا الميل عن طريق الزواج الشرعي فقط، ولهذا خلق الله آدم عليه السلام وخلق منه حواء. قال تعالى: ((هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ))[28].
وهكذا كانت أول أسرة في التاريخ البشري، فالأسرة هي الخلية الأولى في جسم المجتمع، وهي المجتمع الصغير، لأن المجتمع الكبير مكون من مجموعة أُسر، وعناصر الأسرة هي الزوجان والأولاد، وليس المجتمع في نظر الإسلام أفراداً متناثرين لا تربطهم روابط، بل هو جملة من المجموعات تؤلف كل منها رابطة النسب، ثم تجمع بينها كلها رابطة الروح بالأخوة الدينية.
ونظراً لأهمية الأسرة عرف الإسلام لها قدرها، وقرر لها مكانة عظيمة تتجلى في الاهتمام بشؤونها في كتاب الله، كما أحاط الإسلام الأسرة بجملة كثيرة من التشريعات لتؤدي وظيفتها على الوجه الأكمل.
-       المبحث الثاني: مسؤلية المرأة
إذا كان الرجل هو الذي كلف ليمثل سياسة الأسرة الخارجية والاقتصادية على ما وصفنا فإن المرأة هي المسئولة عن إدارة الأسرة الداخلية تحفظ بيت زوجها في حضوره وغيابه. وتحفظ ماله وتحفظ أولاده وعليها تنظيم المنزل إلى غير ذلك من الشئون المنزلية.ولهذا كله تتمتع بكل احترام وتقدير من أفراد الأسرة طالما حافظت على مسئوليتها الداخلية ولم تتطلع إلى ما وراءها مما لا تستطيع القيام به من صلاحيات الرجل.
-        المبحث الثالث:الإسلام لم يظلم المرأة
كثيراً ما نسمع تلكم الأصوات المنكرة التي تنادي بأن الإسلام هضم حقوق المرأة وظلمها ولم يعطها حريتها ولن يساو بينها وبين الرجل إلى آخر تلكم العبارات المترجمة عما يكتبه أعداء الإسلام ضد الإسلام.
وفي الواقع أن أصحاب هذه الدعوى هم أحد رجلين اثنين:
أما أحدهما: فجاهل ساذج سمع الناس قالوا قولة فاتبعهم بل صار لهم بوقاً يبلغ ما يقولون، وليس لديه علم يستند عليه فيما يقول ويذيع، بل ليس له من الأمر شيء إلا البلاغ، وهو يهرف ما لا يعرف.
وقد اغتر به كثير من الناس الذين لم يؤتوا من الفقه في الدين شيئاً ولا سيما النساء المثقفات بثقافة غير إسلامية أو الجاهلات المقلدات على غير هدى.
وأما الآخر: فهو إنسان ماكر يمكر ويكيد للإسلام والمسلمين ويريد أن يفسد عليهم دينهم وأخلاقهم عن طريق إفساد الأسرة متأثراً بأعداء الإسلام ومنفذاً لخطتهم في محاربة الإسلام.إنّ هذا وذاك وهما اللذان يطلقان هذا الصوت المنكر في كل مكان لمحاولة التضليل وقد تأثر به الكثيرات من المسلمات الجاهلات ظناً منهن بأن هذا النداء في صالحهن فضمت أصواتهن إلى ذلك الصوت.فبذلك تصبح المرأة لمسلمة المتأثرة بذلك النداء ظالمة لدينها وإسلامها متهمة إياه بأنه ظلمها، ذلك الإسلام الذي رفع من شأنها لو كانت تعلم وتفقه - وأين الفقه لدى نسائنا إلا ما شاء الله - والله المستعان.فعلى المرأة المسلمة المثقفة أن تدرس دينها لتعرف موقف الإسلام من المرأة وما لها من الكرامة في الإسلام ولا تتبع كل ناعق.
-        المبحث الرابع:تتمتع المرأة في الإسلام بالحقوق المدنية مثل الرجل
للمرأة المسلمة حرية كاملة في الحقوق المدنية، وهي مثل الرجل في هذه الحقوق. فللمرأة المسلمة أن تبيع وتشتري وتهب وتقبل الهبة وتعير وتستعير وتتصرف في مالها، ثم عليها أن تعرف كيف كانت المرأة قبل الإسلام حيث كانت سقط المتاع فاقدة القيمة والكرامة وما أكرمها إلا الإسلام.
-        المبحث الخامس:الحقوق الدينية للمرأة المسلمة
فالمرأة المسلمة تشرع لها جميع العبادات كالرجل فهي تصلي وتصوم وتزكي من مالها وتحج وتثاب على عباداتها وطاعتها مثل ما يثاب الرجل وليس أجرها دون أجر الرجل.إلا أن الإسلام قد يخفف عن المرأة بعض العبادات تقديراً لظروفها الطارئة فمثلاً يسمح للمرأة الحائض في ترك الصلاة ولا تؤمر بقضائها بعد الطهر لما في ذلك من المشقة والحرج ((...وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج...))[29].ولها أن تترك الصيام أيام عادتها ولكنها تقضي على السعة لعدم المشقة عليها في قضاء الصوم بخلاف الصلاة، والنفساء تعامل بنفس المعاملة.
-        المبحث السادس: سفر المرأة في الإسلام
النقطة الثانية من النقاط التي يركز عليها دعاة الحرية والمساواة مشكلة سفر المرأة يقولون: إن الإسلام لا يسمح لها بالسفر كما يسمح للرجل ولو في سفر أداء فريضة الحج ولماذا ؟؟ !!والعجيب من أمر هؤلاء أنهم كثيراً ما يقلبون الحقائق ليغالطوا الناس فيجعلون الإهانة كرامة والكرامة إهانة كما في هذه المسألة.
والمرأة المسلمة الجاهلة تسمع لكل ناعق لجهلها أمر دينها واستجابة للعاطفة أحياناً.وفي الواقع أن الإسلام لم يمنع المرأة من السفر المباح إلا أنه قيد سفرها بقيد واحد. وهذا القيد في الحقيقة إكرام لها وحفظ لشرفها لو كانوا يعلمون.يشترط الإسلام لسفر المرأة وجود زوجها معها في السفر أو أحد أقاربها الذين تحرم عليهم تحريماً مؤبداً كأبيها وأخيها مثلاً؛ لأن هؤلاء سوف يضحون بأنفسهم في سبيل المحافظة عليها وحفظ كرامتها ولا تصل الذئاب إليها إلا على أشلائهم.كما يقومون بخدمتها في سفرها حيث تعجز عن الخدمة وهل اشتراط الإسلام لسفر المرأة هذا الشرط يعتبر إهانة للمرأة أم هو إكرام لها؟ إنها لإحدى الكبر !!فلتقول المرأة المسلمة الإجابة على هذا الاستفهام.
أما السفر من حيث هو فالإسلام لا يمانع فيه.فالمرأة تسافر للحج، وتسافر للتجارة، وتسافر لزيارة أهلها وأقاربها وتسافر لطلب العلم ولغير ذلك من الأسباب طالما الشرط متوفر وهو وجود الزوج أو المحرم معها.هذا هو حكم الإسلام في سفر المرأة أيها المسلمون إذ عرفنا حديث عن أبي هريرة - رضي اللّه عنه - قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم -:
((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة))[30].
وللحديث ألفاظ كثيرة وروايات متعددة وكلها تدل على أن الإسلام يشترط في سفر المرأة وجود الزوج أو رجل ذي محرم عليها تحرم عليه تحريماً مؤبداً.وهذا يعد إكراماً للمرأة المسلمة لو كانت تعلم، وبالله التوفيق.
-        المبحث السابع: تربية الأطفال
     الطَّفل لغةً : من الفعل الثلاثي طَفَلَ، والطَّفل : هو النبات الرخص، والرخص الناعم والجمع طفال وطفول.
والطفل والطفلة : الصغيران. 
والصبي يدعى طفلاً حين يسقط من بطن أمه إلى إن يحتلم.
وفي التنزيل العزيز: ((واذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا...))[31] . وقال تعالى :
((...ثم نخرجكم طفلاً...))[32].ثم قال تعالى :((...أو الطفل الذين لم يظهروا على عوارات النساء...))[33]. وهو الولد حتى البلوغ.
اصطلاحاًهو " عالم من المجاهيل المعقدة كعالم البحار الواسع الذي كلما خاضه الباحثون, كلما وجدوا فيه كنوزاً وحقائق علمية جديدة. لا زالت منخفية عنهم وذلك لضعف وضيق إدراكهم المحدود من جهة, واتساع نطاق هذا العالم من جهة أخرى.
-       المبحث الثامن : مسؤولية الوالدين في تربية الأطفال
فطر الله -عز وجل- الناس على حب أبناءهم قال تعالى : ((المالُ والبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدنيا...))[34]، ويبذل الأبوان الغالي والنفيس من أجل تربية أبنائهم وتنشئتهم وتعليمهم، ومسؤولية الوالدين في ذلك كبيرة، فالأبناء أمانة في عنق والديهم، والتركيز على تربية المنزل أولاً، وتربية الأم بالذات في السنوات الأُوَل، فقلوبهم الطاهرة جواهر نفيسة خالية من كل نقش وصورة، وهم قابلون لكل ما ينقش عليها، فإن عُوِّدُوا الخير والمعروف نشأوا عليه، وسُعِدوا في الدنيا والآخرة، وشاركوا في ثواب والديهم، وإن عُوِّدُوا الشر والباطل، شقُوا وهلكُوا، وكان الوِزْرُ في رقبة والديهم، والوالي لهم.

ويمكن القول بأن للأسرة دورًا كبيرًا في رعاية الأولاد - منذ ولادتهم - وفي تشكيل أخلاقهم وسلوكهم،. وما أجمل عبارة : " إن وراء كل رجل عظيم أبوين مربيين"، وكما يقول بعض أساتذة علم النفس : "أعطونا السنوات السبع الأولى للأبناء نعطيكم التشكيل الذي سيكون عليه الأبناء". وكما قيل : "الرجال لا يولدون بل يُصنعون".
وكما عبر الشاعرإهمال تربية الأبناء جريمة يترتب عليها أَوْخَم العواقب على حد قول الشاعر:
إهمالُ تربية البنين جريمةٌ


عادت على الآباء بالنكبات.

-        المبحث التاسع: أمانة الأهل والأولاد
إن وجود الأسرة هو امتداد للحياة البشرية، وسر البقاء الإنساني، فكل إنسان يميل بفطرته إلى أن يَظْفَرَ ببيتٍ وزوجةٍ وذريةٍ، ولما كانت الأسرة اللبنة الأولى في بناء المجتمع لكونها رابطة رفيعة المستوى محددة الغاية، فقد رعتها الأديان عموما؛ وإن كان الإسلام تميز بالرعاية الكبرى، قال تعالى:((إنَّا عرضنا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ والجِبَالِ...))[35]، جاء ضمن معاني الأمانة؛ أمانة الأهل والأولاد، وقال قتادة : الأمانة :((الدين والفرائض والحدود))[36]، فيلزم الولي أن يأمر أهله وأولاده بالصلاة، ويحفظهم من المحارم واللهو واللعب،لأنه مؤتمن ومسؤول عما استرعاه الله عز وجلّى. وإِنَّ التأكيد على أهمية دور الأسرة في رعاية الأهل والأولاد، لمن أَجَلِّ الأمور،التي يجب أن تتضافر جهود الآباء والأمهات، وأهل العلم، والدعاة، والتربويين، والإعلاميين.. للمحافظة على بناء الأسرة الصالحة في المجتمع، فهي أمانة أمام الله-تعالى- نحن مسؤولون عنها، فالمرء يُجزى على تأدية الحقوق المتعلقة بأسرته، إِنْ خيرا فخير وإلا غير ذلك ولا ننسون عن هذه الآية قال تعالى ((يأَيُّهَـا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَة...))[37].

الخاتمة
في هذا الباب سنختم هذه المقالة بملخص من الفصول السا بقة.
1.   نعترف ما معني الأسرة في اللغة واصطلاحا، ويعرف نظام الأسرة ونحوها.
2.   المراد بنظام الأسرة التي تبني على ما ورد في الكتاب العزيز والسنة المطهرة.
3.   وسائل إصلاح البيوت وتفصيليتها.
4.   نعترف بعلاج المشكلات الزوجية وأحكا مها وغير ذلك.
5.   مكانة الأسرة في المجتمع المسلم الذي مهم جدا في تطبيق المجتمع بل أنها أساس المجتمع، ثم بيان عن المرأة في المجتمع المسلم وهي مسئولة عن إدارة الأسرة الداخلية تحفظ بيت زوجها، وبعد ذلك أهمية تربية الأطفال وتفصليتها.
- فهرسة المصادر والمراجع:
- القرآن الكريم بالرسم العثماني- الناشر: دار ابن كثير- الطبعة الأولى- سنة: 1431ه/2010م.
- تفسير ابن كثير- الطبعة الثانية-الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع- سنة 1420ه/1999م- 8 مجلدات- تحقيق: سامى بن محمد بن عبدالرحمن بن سلامة.
- صحيح البخاري-للإمام أبى عبد الله بن إسماعيل البخاري- طبعة جديدة مضبوطة ومصححة ومفهرسة – الناشر: دار ابن كثير دمشق  الطبعة الأولى -1423ه/2002م.
- صحيح مسلم-للإمام أبى الحسن مسلم بن الحجاج القشيرى النيسابورى- الطبعة الأولى, الناشر:دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، سنة: 1412ه/1991م.
- بلوغ المرام من أدلة الأحكام، الطبعة الأولى، الناشر: دار الصديق، سنة: 1423ه/2002م، تحقيق: عصام موسى هادي.
- صحيح الجامع الصغير وزيادته "الفتح الكبير"-الطبعة الثالثة-الناشر: المكتب الإسلامي-سنة : 1408ه/1988م- تأليف محمد ناصر الدين الألباني- اشرف على طبعة زهير الشاويش.

-      فهرسة الموضوعات:
1.   مقدمةالبحث --------------------1 
2.   أهمية الموضع --------------------1 
3.   سبب إختيار الموضع -----------------3
4.   خطة البحث ---------------------4
5.   منهج البحث ---------------------5
6.   غرض البحث ---------------------6
7.   الفصل الأول : تعريف الأسرة ------------7
8.   الفصل الثاني:  المراد بنظام الأسرة -----------9
9.   الفصل الثالث: ما هي وسائل إصلاح البيوت ؟ ---11
10.                     الفصل الرابع: علاج المشكلات الزوجية -------17
11.                     الفصل الخامس: مكانة الأسرة في المجتمع المسلم--20
12.                     الخاتمة ----------------------26
13.                      فهرسة المصادر والمراجع ------------26
14.                      الفهرسة الموضوعات -------------27



[1] .سورة الروم، الآية (21).
2. سورة المجادلة                        .(1)
[3]. النساء:3
[4]. الروم:21
[5]. البقرة:187
[6]. البقرة:223
[7]. النساء:1
[8]. النور:30-31
[9] . رواه مسلم-الجز الثاني- كتاب النكاح-رقم 1400- صفحة : 1018- الطبعة الأولى- الناشر:دار الكتب العلمية- بيروت-لبنان- سنة: 1412ه/1991م.
[10]. بلوغ المرام من أدلة الأحكام- كتاب النكاح رقم 825- صفحة : 249- الطبعة الأولى- الناشر: دار الصديق- سنة: 1423ه/2002.
[11]. صحيح مسلم، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، وحكم موت أطفال الكفر وأطفال المسلمين، برقم 22 (2658) الأولى, الناشر:دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، سنة: 1412ه/1991م.
[12]. سورة الروم آية 21.
[13] . صحيح الجامع الصغير وزيادته "الفتح الكبير"-مجلد الأول-رقم: 3300- صفحة :624.
[14].سورة النحل: 80
[15].تفسير ابن كثير -الجز الرابع  -الأنفال-النحل- صفحة: 591 ،الناشر: دار طيبة للنشر والتوزع- سنة: 1420ه– 1999م.
[16].سورة الأحزاب : 33.
[17].سورة الحشر : 2
[18] . سورة التحريم:6.
[19] . سورة النســــاء :34.
[20] . انظر تفسير ابن كثير ،الجز الثاني، آل عمران- النساء- صفحة : 292.
[21].سورة النور: 32.
[22]. (متفق عليه)- رواه البخاري-كتاب النكاح- باب: الأكفاء في الدين- رقم: 5090/ ومسلم –كتاب الرضاع- باب: استحباب نكاح ذات الدين- رقم: 1466- صفحة: 1086-
وقال إمام مسلم في صحيحه : (تنكح المرأة لأبع) الصحيح في معنى هاذا الحديث أن النبي-صلى الله عليه وسلم - أخبر بما يفعله الناس في العادة فإنهم يقصدون هذه الحصال الأربع. وآخرها عندهم ذات الدين. فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين. لأنه أمر بذلك.
[23] . رواه مسلم- كتاب الرضاع - باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة- 64(1467) الجز الثاني – صفحة : 1090.
[24] . بلوغ المرام من ادلة الأحكام- كتاب النكاح رقم 825- صفحة 249.
[25]. صحيح البخاري - كتاب النكاح- باب نكاح الأبكار- رقم 5077- صفحة 1295.
[26]. صحيح الجامع الصغير وزيادته "الفتح الكبير"- رقم:2939- صفحة: 566.
[27]. سورة النساء  آية 33-34
[28] .سورة  الأعراف:189
[29]. سورةالحج:78.
[30]. رواه البخاري-كتاب تقصير الصلاة- باب في كم يقصر الصلاة؟ وسمي النبي- صلى الله عليه وسلم - يوما وليلة سفرا- رقم: 1088- صفحة : 265.
[31]. سورة النور: 59.
[32] . سورة الحج: 5.
[33] . سورة النور: آية 31.
[34] . سورة الكهف : 46.
[35] . سورة الأحزاب : 72.
[36].تفسير ابن كثير- المجلد السادس – صفحة : 489.
[37] . سورة التحريم: 6.
 

Tidak ada komentar:

Posting Komentar